أذربيجان: احتفالات العيد الوطني بطعم الانتصار

تحتفل أذربيجان، بعيدها الوطني كل يم 28 مايو، منذ استقلالها سنة 1991 و لكن هذه السنة تحتفل بطعم خاص ، طعم الرقي و الازدهار عامة ، وطعم الانتصار باسترجاع أراضيها و استكمال وحدتها الترابية خاصة.

تعود أسباب ظهور جمهورية أذربيجان الشعبية -وهي أول جمهورية ديمقراطية في الشرق الإسلامي -على مسرح التاريخ للتطور الاجتماعي والسياسي والثقافي في البلاد، وكذا للنهضة الوطنية للشعب الأذربيجاني، ثم لمستوى الوعي السياسي العام. يذكر التاريخ المعاصر لأذربيجان أسماء قادة تولوا مهام تسيير الدولة بدءا بعلي مردان بك وبجورباتشوف، محمد أمين رسول زاده، فتالي خان خويسكي، حسن بك أغاييف، نسيب بك يوسفبكلي، صمد بك محمانداروف، على آغا شيخلينسكي وآخرون؛ من تناوبوا على رئاسة الجمهورية، والذين قاموا بإنجاز خدمات كبيرة، ونقشوا أسماءهم في ذاكرة الشعب الأذربيجاني بمداد من الفخر.

كانت جمهورية أذربيجان الشعبية مثالا للدولة الحديثة والمجتمع الحديث، الذي يجمع بين القيم الديمقراطية الأوروبية وخصائص الحضارة الشرقية. والإنجازات التي تحققت خلال عهد الجمهورية الأولى اكتسبت أهمية كبيرة في وضع الأسس للدولة مع تحديد سبل التنمية المستقبلية لها.

فالحقوق والحريات الديمقراطية، والاعتراف بالحقوق المتساوية لجميع المواطنين بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني، وإعطاء النساء الحق في المشاركة في الانتخابات قبل العديد من الدول الأوروبية وإعلان اللغة الأذربيجانية لغة رسمية، والاهتمام بتطور التعليم والثقافة وتأميم المؤسسات التعليمية وتأسيس جامعة حكومية، إضافة إلى تنظيم الجيش الوطني النظامي وتأسيس المنظمات الأمنية والعديد من الأمور الأخرى. كلها أمور توضح جوهر السياسة الناجحة التي اتبعتها حكومة الجمهورية.

اليوم تتسم السياسة الخارجية الأذربيجانية بالنشاط والديناميكية والتوازي مع التطور متعدد الأوجه للبلاد، والسياسات الداخلية المتبعة، حيث أصبح من الصعب القيام بأي مبادرة في منطقة جنوب القوقاز دون الأخذ في الاعتبار دور أذربيجان ومكانتها في السياسة الإقليمية.

وشكل احتلال أرمينيا لجزء من أراضي أذربيجان -التي شملت إقليم قراباخ الجبلي الأذربيجاني، والمحافظات السبع المجاورة له-أخطر تهديد لأمن البلد وانتكاسة لمسارها التنموي، إذ خلف احتلال أرمينيا أكثر من مليون أذربيجاني بين لاجئ ومشرد ونازح قسرا بجانب تعرض الأراضي المحتلة للتطهير العرقي والنهب والسلب والاغتصاب المادي والمعنوي بعد أن دمرت أرمينيا المساجد والآثار الثقافية والتاريخية الإسلامية.

ورغم ذلك اتخذت أذربيجان موقفا واضحا لتسوية النزاع؛ أي حل القضية في إطار وحدة أراضيها وحدودها المتعارف عليها دوليا. ويعتمد هذا الموقف على القانون الدولي ومبادئه وميثاق منظمة الأمم المتحدة ووثيقة هلسينكي الختامية والوثائق الدولية العديدة التي تبنت تسوية الصراع بالطرق السلمية.

بعد حصول أذربيجان على استقلالها أعطت السياسة الاقتصادية الخارجية أهمية كبيرة للعلاقات مع المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، وفي هذا الاتجاه تم القيام بعدد من الإنجازات خلال الفترة الماضية، إذ إن أذربيجان تعتبر عضوا في منظمات دولية كثيرة، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الأوروبي منذ سنة 1992، وبنك التنمية الآسيوي منذ سنة 1999 وغيرها من المنظمات الدولية. وكان الاتجاه الرئيسي لهذا النشاط هو إنشاء نظام اقتصادي قائم على مختلف أشكال الملكية، والانتقال إلى اقتصاد السوق والاندماج في الاقتصاد الدولي.

وفى 20 سبتمبر 1994 تم توقيع وتنفيذ الاتفاق الذي يعرف حاليا في جميع أنحاء العالم باسم “عقد القرن”، وهو دليل واضح على تنفيذ استراتيجية النفط الجديدة التي وضعها الزعيم القومي المرحوم حيدر علييف، والتي تعتبر جزءا من مفهوم التنمية الاقتصادية في جمهورية أذربيجان المستقلة، إذ قال: “إن امتلاك أذربيجان لاحتياطيات كبيرة من النفط والغاز يعتبر ضمانة لسعادة شعبنا ويمثل العامل الأهم لتوفير حياة أفضل وتحقيق التنمية الاقتصادية لحاضر ومستقبل أذربيجان”.

وتحت قيادة حيدر علييف، تم تطوير استراتيجية النفط التي شكلت المفتاح الأساسي لنجاح اندماج أذربيجان في النظام الاقتصادي العالمي. ووفقا لهذه الاستراتيجية وفي وقت قصير تم ترميم البنية التحتية وإعادة بنائها. ويعتبر خط أنابيب باكو -تبيليسي-جيهان ممر الطاقة الوحيد الذي يربط موارد بحر قزوين أذربيجان بالأسواق العالمية، وعلى وجه الخصوص ساحل البحر المتوسط.

وكنتيجة لسياسة التنمية الاقتصادية المتوفرة تم خفض مستوى الفقر والعطالة إلى مستوى 5 في المائة.

ودخلت أذربيجان اليوم عهداً جديداً، حيث قاد الرئيس إلهام علييف دفة التنمية في البلاد نحو مرافيء التقدم والحضارة والازدهار. فعلى صعيد السياسة الخارجية استطاع الرئيس إلهام علييف توطيد العلاقات الثنائية مع دول العالم والمنظمات الدولية المرموقة، وتحت قيادته الحكيمة، حققت أذربيجان خلال السنوات الماضية تطورا مهما على جميع المستويات.

ومنذ استقلال أذربيجان في 18 أكتوبر عام 1991 والدولة تتبع نهجا سياسيا واقتصاديا ناجحا كان قد وضع بنيانه الزعيم القومي حيدر علييف، ويواصل هذا المسار الاستراتيجي بكل اقتدار فخامة الرئيس إلهام علييف. وبفضل هذا النهج القويم حققت البلاد تقدماً كبيراً في جميع المجالات خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في مجالات الاقتصاد، وذلك بفضل الإصلاحات الشاملة التي ميزت عهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، وبفضل تلك الطفرة قفزت البلاد إلى مصاف الدول الاقتصادية العظمي مدفوعة بتنفيذ مشاريع عملاقة في صناعة النفط والنقل في منطقة وسط آسيا.

تعيش جمهورية أذربيجان اليوم فترة جديدة من الإصلاحات على نطاق واسع وشامل أعلن عنها الرئيس إلهام علييف بعد فترة وجيزة من إعادة إنتخابهفي  أبريل 2018. ويشكل عام 2019 عام الإصلاحات العميقة في جمهورية أذربيجان حيث تغطي الإصلاحات كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية وتتضمن هيكلة الحكومة والموارد البشرية.

ولتقريب الصورة أكثر؛ عززت أذربيجان منذ عام 2003 استقلاليتها وخطت خطوات كبيرة في تعزيز إمكاناتها الاقتصادية، حيث زاد اقتصاد البلد 3.2 مرة، والاقتصاد غير النفطي 2.8 مرة، والصناعة 2.6 مرة، والزراعة 1.7 مرة، والصادرات غير النفطية 4.1 مرة. وفي عام 2004 بلغ إجمالي احتياطيات العملة الأجنبية لأذربيجان 1.8 مليار دولار، وحاليا تجاوزت 51 مليار دولار. وعلى مدى هذه السنوات تم استثمار أكثر من 270 مليار دولار في الاقتصاد الاذربيجاني، ونصفها تقريبا من الاستثمار الأجنبي. الجدير بالذكر أن مجموع الاستثمارات في أذربيجان خلال تلك الفترة بلغت 93٪ من إجمالي الاستثمارات خلال سنوات الاستقلال.

ويمكن التأكيد هنا على أنه وبفضل الإصلاحات المتلاحقة والمتطورة ،طال التغيير فى اذربيجان مختلف المحافظات بشكل جذري بدءاُ بباكو العاصمة، حيث تم اعتماد برامج حكومية بخصوص المحافظات ويتم اليوم تنفيذها بنجاح. ونتيجة لذلك بلغ مستوى تأمين الغاز الطبيعي للسكان في أذربيجان بنسبة 96٪ والكهرباء بنسبة 100٪، وفي الوقت نفسه أصبحت أذربيجان دولة مصدرة للكهرباء.

وبالنظر إلى أن مسالة أمن الطاقة عنصر حاسم في استراتيجية الأمن القومي للبلدان الرائدة في العالم، فانه لا ينبغي الاستخفاف برأي عدد الخبراء القائلين بأن “المشهد السياسي للعالم الحديث لن يتم تحديده من خلال العضوية في الكتل العسكرية، بل من خلال تنويع موارد الطاقة”، حيث تغلب السيد إلهام علييف على صعوبات موضوعية وذاتية مختلفة في هذا الصدد. ففي عام 2006 تم تنفيذ برامج ضخمة للنفط والغاز مثل مشروع “باكو – تبليسي – جيهان”، ومشروع “باكو – تبليسي – أرضروم” في عام 2007 لأنابيب النفط والغاز. وبحسب تصريح للسيد الرئيس كان إنشاء خطوط أنابيب النفط، وخاصة خط أنابيب النفط “باكو – تبيليسي – جيهان” حدثا تاريخيا، ليس فقط لأنه تم تصدير نفط بحر قزوين لأول مرة إلى أسواق البحر الأبيض المتوسط، بل لأن خط الأنابيب هذا فتح طريقا وممرا جديدين ومهمين.

ويجري الحديث في المقام الأول عن ممر الغاز الجنوبي، وكخطوة أولى لتأسيسها تم توقيع مذكرة تفاهم حول التعاون الاستراتيجي والطاقي بين المفوضية الأوروبية وأذربيجان في عام 2011، وتم أيضا توقيع اتفاقية تاريخية بين أذربيجان وتركيا بشأن بناء TANAP في العام الموالي، وكان الاستثمار أحد الروابط الرئيسية في هذه العملية. وفي العام 2013 تم حل هذه المشكلة أيضا. وبعد ذلك تم اتخاذ قرار بالاستثمار في الحقل النفطي Shah Deniz-2 وفي عام 2016 تم اتخاذ خطوة مماثلة فيما يتعلق بمشروع TAP حيث أقيمت مراسم الافتتاح الرسمية لممر الغاز الجنوبي في 29 مايو 2018 ومشروع TANAP في 12 يونيو 2018 وفي 30 نوفمبر 2019 حيث تم افتتاح الجزء الأوروبي منTANAP.

وبصورة عامة قطعت خطوات حاسمة لتنفيذ ممر الغاز الجنوبي بقيمة 40 مليار دولار، وهو من المشاريع الضخمة في القرن الحادي والعشرين حيث سيربط الغاز من حقل (شاهدنيز باكو) بالموانئ الإيطالية عبر ثلاثة أنابيب غاز بطول 3500 كيلومتر.

وفي حديثه عن أسباب نجاح مشروع ممر الغاز الجنوبي أبرز الرئيس إلهام علييف العوامل التالية: أولا يتضمن هذا المشروع أمن الطاقة وتنويعها والمنافسة الحرة. ثانيا نجحنا في هذا المشروع بإيجاد توازن بين الدول المنتجة والمستهلكة ودول العبور، أي أنه ليس هناك خاسر. ثالثا يجب أن تكون السياسة والطاقة أداتين منفصلتين بحيث لا يجب استخدام الطاقة كأداة سياسية. وأعتقد أن المثال الذي وضعناه في اتفاقية ممر الغاز الجنوبي يوضح أنه يمكن تحقيق النجاح عندما يتم فصل السياسة عن الطاقة.

والملاحظ أنه بفضل سياسة الرئيس إلهام علييف على مدى السنوات الماضية، لم تقم أذربيجان بإعادة تصميم خريطة الطاقة والنقل في العالم فحسب، بل حققت أيضا إنجازات مهمة بكونها أصبحت دولة فعالة في مجال الحوار بين الثقافات، واعتبرت التعددية الثقافية الطريقة المثلى وتقليدا مثاليا تنهجها البلاد.

وبمبادرة من الرئيس إلهام علييف، استضافت عاصمة أذربيجان مهرجانات رياضية كبيرة لثقافتين مختلفتين، حيث استضافت الألعاب الأوروبية الأولى في عام 2015 لأول مرة في تاريخها، واستضافت ألعاب التضامن الإسلامي الرابعة في عام 2017 وبذلك تكون أذربيجان قد قدمت مساهمة كبيرة في السلام والحوار بين الحضارات من خلال الرياضة. وباتباع نفس المنطق أعلن الرئيس إلهام علييف عام 2017 عام التضامن الإسلامي. هذه المبادرات وغيرها من مبادرات السيد الرئيس، التي تخدم التضامن الإسلامي، قوبلت بتعاطف وحفاوة كبيرين تركت صدى سياسيا كبيرا في العالم الإسلامي. وفي عام 2019 استضافت أذربيجان القمة الثانية للقادة الدينيين العالميين يمثلون 70 دولة.

كما يجب الإشارة إلى استضافة باكو خلال أكتوبر الماضي اجتماع القمة الثامنة عشر لمنظمة حركة عدم الانحياز. ويكتسي هذا الحدث أهمية كبرى بالنسبة للبلد نظرا لدور المنظمة وإمكاناتها السياسية والاقتصادية وتأثيرها على السياسة العالمية. ويعتبر اجتماع القمة هذا أحد الفعاليات السياسية الدولية الكبرى في تاريخ أذربيجان المستقلة.

وتولي أذربيجان اهتماما كبيرا وجادا في العالم الحديث لمشاركة النساء في المجال الاجتماعي والسياسي ولحماية حقوقهن ورفع نشاطهن الاجتماعي. والمرأة اليوم تشارك في إدارة الدولة بمستوى جيد نوعيا وتمارس مسؤوليات أكثر فعالية في مجالات السياسة والعلم والتعليم والاقتصاد والثقافة وغيرها. وفي هذا السياق، تعد السيدة الأولى والنائبة الأولى للرئيس الأذربيجاني مهربان علييفا نموذجا لجميع النسوة حيث تساهم بفعاليات متعددة الجوانب في تنمية الدولة المستقلة لقيت تقديرا عاليا من جانب المنظمات الدولية. وكنتيجة للإنجازات التي قامت بها من خلال مسيرتها وقيادتها مؤسسة حيدر علييف، وغيرها، فقد منحت منظمة اليونيسكو للسيدة مهربان علييفا لقب سفيرة النوايا الحسنة في العام 2004 تقديرا لجهودها في الحفاظ على تطوير الإرث الأدبي والموسيقي للثقافة الأذربيجانية. أما الايسيسكو فمنحتها في العام 2006 اللقب ذاته تقديرا لجهودها البارزة في نواح وأرجاء مختلفة من العالم الاسلامي.

في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، أطلق الجيش الأذربيجاني عملية لتحرير أراضيه المحتلة في إقليم “قره باغ”، وذلك عقب هجوم شنه الجيش الأرميني على مناطق مدنية مأهولةبالسكان.

وبعد معارك ضارية استمرت 44 يوما، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 10 نوفمبر 2020، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة باكو السيطرة على محافظات محتلة قبل نهاية العام، وإنشاء ممر يربط بين أذربيجان وإقليم ناختشيفان الأذربيجاني ذو الحكمالذاتي.

وتواصل أذربيجان على قدم وساق أعمالها من أجل إعادة إعمار المناطق المحررة من الاحتلال الأرميني، وتأمين عودة المهجرين إلى منازلهم التي اضطروا لتركها قبل نحو ثلاثين سنة.

وكان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، صرّح مؤخرا أن بلاده تعتزم بناء مدن وقرى ذكية في “قرا باخ”، مع الحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية للمنطقة، معتمدة في ذلك على أسس التخطيط العمراني الحديث.

واستهلت باكو مشاريع إعادة إعمار “قرا باخ”، بإنشاء طريق يصل بين “فوضولي” و”شوشه”، أعقبه وضع حجر أساس مطار دولي في “فوضولي.”

كما تعتزم الحكومة القيام باستثمارات لتحويل المحافظات المحررة إلى منطقة “طاقة خضراء”، وفي هذا الإطار ستعمل على إنشاء محطات طاقة رياح في كل من لاتشينوكلابجار، وطاقة شمسية في زنغيلان وجبرائيل.

ونحن في جمعية الصداقة المغربية الأذربيجانية ، إذ نعرب عن سعادة  مواكبتنا و مشاركتنا  الشعب الاذربيجاني  أفراحه بعيده الوطني ، لنغتنمها فرصة للترحم على الروحين الطاهرتين للمغفور لهما الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف والملك الهمام الحسن الثاني، المؤسسين للعلاقات  بين بلدينا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ( 25 غشت 1992)، والموجهين والمدعمين لها بما يحيي ويعزز الروابط التاريخية والدينية والثقافية التي تجمع بين الأمة المغربية والأمة الأذربيجانية  خدمة للأهداف المشتركة بينهما في الحال والمآل، في العاجل والآجل، وعلى أي مستوى وفي أي مجال .

وهي فرصة كذلك لنقدم تحية تقدير وإكبار لقائدي البلدين فخامة الرئيس إلهام علييف وجلالة الملك محمد السادس، حفظهما الله، على ما يوليانه لهذه العلاقات من اهتمام بالغ بغية الدفع والنهوض بها لتترجم، عموديا وأفقيا، وفي مختلف الميادين، أواصر الأخوة والصداقة المتينة بينهما وشعبيهما، إلى تعاون طيب مثمر يخدم مصالح البلدين ويعود بالخير العميم عليهما.

وشرط المناسبة يفرض علينا كذلك الإشادة بالمجهودات المتواصلة، في كلا البلدين، للمسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والمدنيين، وفي المقدمة مسؤولي الخارجية والبعثة الدبلوماسية في كل من الرباط وباكو، من أجل تفعيل وتقوية هذه العلاقات.

يحق القول بأن منجزات كبيرة قد تحققت لفائدة البلدين، على امتداد عقود من الزمان، في إطار هذه العلاقات، المؤطر التعاون ضمنها بالعديد من الاتفاقيات التي تشمل الكثير من الميادين؛ بحيث فضلا عن التعاون على المستوى الدولي في المنتديات والمؤتمرات والمنظمات الدولية الأممية والإقليمية دفاعا عن قضايا الأمن والسلم الدوليين، وعن قضايا الشعوب العادلة ، والأقليات الإسلامية، وعن سيادة الدول ووحدتها الترابية وبما فيها وحدتهما الترابية، هناك التعاون الثنائي على المستوى القطري في المجالات الاقتصادية والثقافية والقضائية والشبابية والرياضية وغيرها؛ وهو تعاون مهيأ له أن يتعزز ويتسع بفضل دعم الإرادة السياسية العليا الحكيمة في كلا البلدين، وكذا بفضل تكاتف جهود جميع الفاعلين العموميين والخواص.

ونؤمن في جمعية الصداقة المغربية الأذربيجانية التي تأسست منذ افتتاح سفارة جمهورية أذربيجان بالمملكة المغربية، كإحدى جمعيات المجتمع المدني بغاية التعريف بتاريخ وحضارة ومنجزات البلدين ، وكذا المساهمة في تقوية الروابط الأخوية بين المملكة المغربية وجمهورية أذربيجان في مختلف الميادين الاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية عن طريق تبادل الزيارات بين الوفود الاقتصادية والثقافية والفنية والرياضية، ومن خلال إقامة معارض للتعريف بما تزخر به  المملكة المغربية و جمهورية أذربيجان من منتوجات فلاحية وصناعية وتجارية وسياحية وثقافية وفنية… نؤمن بأن العمل التعاوني الرسمي بين الدول الثنائي أو الجماعي يتعين أن يرفد ويتملك من قبل المجتمع المدني الذي ينبغي إشراكه فيه، ليتعمق ويتجذر وينجح في تحقيق أهدافه وإتيان أكله.

ومن هنا نعتز في جمعيتنا، ورغم محدودية الإمكانيات، وانطلاقا من الأهداف التي حددناها في قانوننا الأساسي، وبمساعدة وتعاون من السفارة الأذربيجانية مشكورة، أننا ساهمنا إلى حد ما، وبكل تواضع، في بعض المنجزات المحققة من خلال المشاركة في الأيام الثقافية الأذربيجانية المنظمة بالرباط أو مثيلتها المغربية المنظمة بباكو، ومن خلال التعريف، بواسطة المحاضرات والندوات و فيديوهات، بالإمكانيات الاقتصادية والاستثمارية في البلدين، ومجالات تفوقهما بما يسمح لهما بالتعاون وتبادل الخبرة، وكذا التعريف بأصل وملابسات مشاكلهما الترابية، ونضال كل منهما من أجل استعادة وحدتهما الترابية، فضلا عن مشاركة الجمعية في جل أنشطة السفارة الأذربيجانية بالمملكة الإشعاعية والاحتفالية.

ونحن عازمون بعون من الله على مواصلة الجهود وتكثيفها تطبيقا لبرامجنا المسطرة وأهدافنا المحددة. ونعول على وزارة الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج وسفارة المملكة بباكو والمسؤولين الأذربيجانيين للعمل على توفير الظروف لخلق جمعية مدنية أذربيجانية للصداقة الأذربيجانية المغربية مماثلة لجمعيتنا، تساهم معنا في تمتين الجسر المدني بين الشعبين الشقيقين، دعما للعمل الرسمي، وبما يخدم المصالح المشتركة لهما تحت القيادة الرشيدة لفخامة الرئيس إلهام علييف وجلالة الملك محمد السادس أعزهما وحفظهما الله.

ونحن نلاحظ أن المؤشرات و الأرقام الخاصة بحجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين لا يسمو الى الامكانيات المتوفرة لديهما ، فإننا نتطلع الى رفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى العلاقات السياسية و في هذا الاتجاه تبذل كل من السفارتين المقيمتين في الرباط و باكو جهودا كبيرة و ثمة فرص كثيرة لتوسيع التعاون التجاري و الاقتصادي بين البلدين ونعتبر أنه في القريب العاجل ، بعد جائحة كورونا  سنشاهد اتخاذ خطوات هامة في هذا الاتجاه و منها عقد اجتماع اللجنة المشتركة بين الحكومتين و توقيع الاتفاقيات التي تنشئ ظروفا ملائمة لنشاط المستثمرين الأذربيجانيين و المغاربة و إقامة المنتدى التجاري بمشاركة رجال الأعمال من البلدين و غيرها.

 

د. محمد فقيري

نائب رئيس جمعية الصداقة المغربية الاذربيجانية

خريطة جمهورية أذربيجان

المعمار الاذربيجاني

المركز الثقافي حيدر علييف بباكو