شهر مارس: الشعب الاذريبجاني على إيقاع احتفالات النوروز

تعيش جمهورية أذريبجان في شهر مارس على إيقاع الاحتفالات بمناسبة دخول فصل الربيع حيث تعطي اهتماما كبيرا لدرجة اعتباره رأس سنة جديدة بموجب قرار جمعية الأمم المتحدة بناءا على طلب العديد من البلدان المشاركة حيث أطلقت عليه أسم النوروز.

إن عيد النوروز الذى يعنى يوما جديدا، يجرى الاحتفال به فى 21 مارس، باعتبار ذلك اليوم بداية للعام الجديد، وذلك من قِبل أكثر من 300 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم، ومنذ أكثر من ثلاثة آلاف عاما فى كل من القوقاز، والبلقان، وحوض البحر الأسود وآسيا الوسطى والشرق الأوسط ومناطق أخرى.

إن “يوم النوروز العالمى” الذى أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارهاA/RES/64/253 لعام 2010، قد جاء بمبادرة للعديد من الدول المشاركة فى هذا العيد.

فى عام 2009 ضمت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” عيد النوروز إلى قوائمها الممثلة للتراث الثقافى غير المادى للإنسانية، باعتباره تقليدا ثقافيا يحتفل به العديد من الشعوب. والنوروز هو عيد يحتفل به الأجداد بمناسبة حلول اليوم الأول لفصل الربيع وتجديد الطبيعة فيه.

النوروز هو يوم التجديد وفرصة للتأمل في الروابط الحميمة بين الناس والعالم الطبيعي، فالنوروز يحمل رسالة قوية للسلم والوئام بين الشعوب من جميع الثقافات، على أساس من التفاهم والاحترام المتبادل.

وعادة ما يبدأ الاحتفال بعيد النوروز لمدة أربعة أسابيع قبل اليوم الفعلي للعيد. ووفقا للتقاليد فى أذربيجان يخصص كل ثلاثاء من تلك الأسابيع الأربعة السابقة للعيد لأحد العناصر الأربعة. فيحتفل الناس كل ثلاثاء بأحد هذه العناصر: الماء والنار والأرض والرياح. فطبقا للمعتقدات التقليدية، فإن الماء يولد من جديد فى الثلاثاء الأول، ويظل الماء يأتى إليهم، وبالمثل تفعل النار فى الثلاثاء التالى، والأرض فى الثلاثاء الثالث، وفى الثلاثاء الرابع تهب الرياح على الأشجار، فتتفتح براعمها ويبدأ فصل الربيع.

وتعكس تقاليد وطقوس النوروز العادات الثقافية القديمة لحضارات الشرق والغرب، والتى أثرت تلك الحضارات عبر تبادل القيم الانسانية وتقاطعها لديهم.

والجدير بالذكر أن كلمة نوروز تعنى احترام المنابع والتاريخ والقيم والخصائص المميزة لحضارتنا. والاحتفال بالنوروز يعنى التأكيد على الحياة المنسجمة مع الطبيعة، والروابط التى لا تنفصم مع دورات الطبيعة وتجديدها، وإبداء الاهتمام والاحترام إزاء المصادر الطبيعية للحياة.

واحتفالا بهذا العيد، يقوم الناس بتنظيف البيوت وغرس الأشجار وحياكة الثياب الجديدة وتلوين البيض، وطهى المعجنات الشعبية مثل “الشاكاربورا” والبقلاوة، وعدد كبير ومتنوع من أكلات “المطبخ القومى”. فيقومون بقلى القمح مع الكيشميش “الزبيب”، والمكسرات. وفى كل ثلاثاء من الأربعة أسابيع قبل العطلة، يقوم الصبية بالقفز فوق حلقات النار الصغيرة والشموع المضاءة. وعشية يوم العطلة يقوم الناس بزيارة قبور أقربائهم المتوفين للترحم عليهم.

والنوروز هو عطلة عائلية. ففى مساء يوم قبل العطلة، يجتمع أفراد الأسرة جميعهم حول طاولة الاحتفال المغطاة بمختلف الأطباق الشهية المتنوعة والثرية، وذلك حتى تثرى بدورها العام المقبل الجديد. وتستمر العطلة لعدة أيام، وتنتهى باحتفال راقص عام، وتقدم الفرق الشعبية عروضها، وأيضا المسابقات الرياضية الوطنية. وتتميز هذه العطلات بجمع المحاصيل فى المناطق الريفية.

وتزين”الكونشا” الطاولة الاحتفالية، و”الكونشا” هى عبارة عن صينية كبيرة من الفضة أو النحاس، يوضع فى منتصفها “السمانى“، ومن حولها عدد من الشموع والبيض الملون، مساويا لعدد أفراد الأسرة المحيطين بالصينية. وينبغى أن يوضع على الطاولة عدد من الأطباق لا يقل عن سبعة.

و”السمانى” هو عجينة الحلوى المصنوعة من القمح النابت، والتى يجرى إعدادها للنوروز فى وعاء كبير. وطبقا للتقاليد، فإن النساء تلعبن دورا خاصا فى إعداد هذا الصنف من الطعام أثناء الليل، وتبدأن فى الإعداد له فى وقت متأخر من المساء وحتى بزوغ أول خيوط النهار، وهن يغنين الأغانى الخاصة بالعيد.

وفى الثلاثاء الأخير قبل حلول النوروز، وطبقا للتقاليد القديمة، يقوم الأطفال بطرق أبواب بيوت أو شقق جيرانهم، ويتركون عند أعتابها قبعاتهم أو سلالا صغيرة، ثم يختبئون بالقرب من تلك البيوت، فى انتظار أن يضع الجيران لهم المعجنات والحلويات والمكسرات داخل القبعات أو السلال.

في هذا العام، يحمل عيد النوروز رمزا غير عادي. إذ أن مدينة شوشا وهي مهد ثقافي للشعب الأذربيجاني، قد شهدت في آخر الثلاثاء احدى السمات لعيد النوروز وهي إشعال النار (الحريقة) بعد 29 عاما من الاحتلال الارمني.