لقومي حيدر علييف في بناء وتنمية أذربيجان بطلي هو ضميري لا أريد أن أكون مثل أي شخص آخر. حيدر علييف

يعد حيدر علييف بطلا قوميا ومؤسسا لأذربيجان الحديثة حيث غطى نشاطه السياسي أكثر من 30 سنة من تاريخ البلاد، وهي فترة طبعتها الكثير من الإخفاقات السياسية والإنجازات البارزة على حد سواء للشعب الأذربيجاني. تتميز أذربيجان الحديثة باقتصاد قوي ومؤسسات دولة ذات مصداقية وقطاع نفط متميز وجيش قادر على الدفاع عن حوزة الوطن. لكن السنوات الأولى من الاستقلال عرفت مواجهة البلاد للعديد من التحديات ذات الطابع العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، كتصاعد الصراع العرقي الطويل الأمد مع الأرمن وظهور مشكلة اللاجئين وتراجع الإنتاج الاقتصادي بشكل مهول مما أدى إلى أزمة اقتصادية حادة. كان حل هذه المشاكل رهن بتولي شخصية كاريزمية وحكيمة قيادة البلاد بروح المنقذ المؤمن بالانتماء للوطن والمتطلع نحو المستقبل، فاختار الشعب الاذربدجاني حيدر علييف للاضطلاع بهذه المهمة. انتخب علييف لمنصب رئيس البلاد في نهاية عام 1993 وبعد وصوله إلى السلطة تمكن من تغيير الوضع في أذربيجان بشكل جذري في السنة الأولى من قيادته، حيث أعاد تثبيت النظام المركزي للسلطة في جميع أنحاء الجمهورية، وشكل القوات المسلحة الوطنية للحفاظ على وحدة البلاد وتعزيز وضعها العسكري على نحو مطمئن. شكلت هذه الانجازات خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والعسكري في منطقة القوقاز، توجت بتوقيع اتفاق هدنة بيشكيك في مايو 1994. سمحت الإنجازات التي حققها الزعيم الوطني علييف، خاصة السياسية منها، بتركيز جهوده بشكل أكبر على حل المشاكل الاقتصادية الأكثر أهمية في البلاد، فكانت الأهداف الرئيسة لتوجهه السياسي والنهضوي تستهدف تنفيذ إصلاحات اقتصادية جوهرية في البلاد وجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز استقرار القطاع المالي، والأهم من ذلك، تنفيذ عملية التكامل السياسي والاقتصادي بدعم من الشعب الأذربيجاني. لم يكتف الرئيس حيدر علييف بإرساء الاستقرار في البلاد فحسب، بل جعلها أي ًضا مرك ًزا معترفًا به للمشاريع الاقتصادية العالمية.
طور علييف “استراتيجية النفط الجديدة” التي أصبحت مفتاح الاندماج الناجح لأذربيجان في النظام الاقتصادي العالمي وبفضل هذه الإستراتيجية، بنيت ورممت خطوط الأنابيب في الجمهورية في وقت قصير وهكذا أصبحت الدولة تصدر الغاز عن طريق التصدير الشمالي وطريق التصدير الغربي وباكو-تبيليسي-جيهان وجنوب القوقاز. أصبح إنشاء نظام جديد لخطوط أنابيب التصدير في أذربيجان ممكنا بسبب توقيع “اتفاقية القرن” من قبل الرئيس علييف في 20 سبتمبر 1994 وقد سميت الاتفاقية بهذا الاسم لما لها من أهمية تاريخية وسياسية ودولية. كان هذا أول عقد وقعته أذربيجان المستقلة مع شركات النفط الرائدة في العالم بشأن التطوير المشترك لثلاثة حقول نفطية في المياه الأذربيجانية من بحر قزوين. أصبحت واحدة من أكبر الاتفاقيات الدولية من حيث كمية احتياطيات الهيدروكربون وإجمالي حجم الاستثمارات. كونه دبلوماس ًيا ممتا ًزا، نجح حيدر علييف في جذب وتوحيد 13 شركة في مشروع واحد وهي Unical ،McDermott ،BP ،Amoco، ،Itochu ،Penzoil ،TurkishPetroleum ،Exxon ،Statoil ،Lukoil ،SOCAR Delta-Nimir (DNKL)) ،Remco تنتمي إلى 8 دول (أذربيجان وتركيا والولايات المتحدة واليابان وبريطانيا العظمى والنرويج وروسيا والمملكة العربية السعودية). بالإضافة إلى ذلك،

أصبحت “اتفاقية القرن” الأساس لتوقيع 26 اتفاقية أخرى بمشاركة 41 شركة نفطية من 19 دولة في العالم. بفضل المبادرات الجريئة لرئيس أذربيجان، لعبت هذه الاتفاقية دو ًرا استثنائ ًيا في تشكيل الاقتصاد الوطني. ومن وجهة نظر سياسية، فإنها مكنت أذربيجان من أن تأخذ مكانها الصحيح في المجتمع الدولي وازدادت أهميتها الجيوسياسية وأظهرت نفسها كشريك دولي موثوق به وأصبحت ضام ًنا لأمن الطاقة الأوروبي.هكذا، وضع رجل الدولة البارز الشروط المسبقة للقيادة الإقليمية لبلاده في المستقبل. وقد شكل توقيع الزعيم الوطني علييف مرسوما بشأن إنشاء صندوق النفط الحكومي لجمهورية أذربيجان في 29 دجنبر 1999 منعطفا سياسيا وقوميا هاما حيث نص على التوزيع العادل للثروة النفطية بين أجيال أذربيجان من خلال التركيز على مضاعفة إيرادات مبيعات النفط وترشيد الاستفادة منها محليا لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية، مع مراعاة ذوي الاحتياجات الاجتماعية في البلاد واحتياجات التنمية الاقتصادية. في الختام، يمكننا القول أن أذربيجان تمكنت من تحقيق نجاحات كبيرة في جميع المجالات على الرغم من البداية الصعبة التي مرت بها بعد حصولها على الاستقلال الذي حتم تولي زعيم جاد في عمله كحيدر علييف قيادة البلاد وتطوير نموذج جديد للتنمية وإطلاق إصلاحات اقتصادية بناءة للرقي بالبلاد ووضعها في المكانة الدولية التي نستحقها.

بقلم/الدكتور كسيم صلاح أستاذ الاقتصاد بالكلية المتعددة التخصصات بالسمارة. باحث في العلاقات الدولية الاقتصادي